الثلاثاء، نوفمبر ٢٤، ٢٠٠٩

مـِن خَـيْـباتـنا ...سُــلِـط علــينا



سألنا المذيع الشاب في جلسة أدبية ودية :" كيف لم تندفع كلماتكم إلى الأوراق ثائرة موجوعة موجعة إزاء كل هذا الذي يحدث ؟ "
"لعل مشاعرنا تختزل الألم الآن إلى حين "
هكذا أجابه غير واحد منا
وبين سؤاله والإجابة _ أيا كانت _ توقفت كثيرا
فأنا شخصيا لا أعرف وصفا لما أحسه
ويخيفني جدا ما أدركه
وكلاهما سخيف أكثر منه مؤلما
ليس لأن الأمر كله ليس أكثر من لعبة ومباراة
فكرة القدم في هذا الزمن صارت أكثر من رياضة ولم تعد أقل من مهنة ولها من التأثير ما ليس لغيرها في كل دول العالم
ولكن لأن هذا الذي حدث سلط الضوء على ما نعانيه حقيقة من خيبة
خيبة حياة
وخيبة أمل
خيبة انتصار
وخيبة هزائم وهزائم وهزائم

حتى السخرية
ما عادت تجدي في هذه اللحظات حتى أرسمها في قصيدة أو أستدعيها لتخفف عني
أضف إلى ذلك ..... اللا منطق !
والذي هو المنطق الوحيد الذي يجعل من كل ما يحدث أكذوبة كبرى لحقائق واضحة
ومؤكدة
أكذوبة كبرى ... أن حكومات تشعر بالغيرة على مواطنيها
وأكذوبة أكبر ... أن عروبة تربطنا يجب الاحتكام إليها حين يتناحر الأشقاء !
فالمواقف لا تتجزأ
والعقائد لا تنبعث أفعالا من أكفان الشعارات

فإذا كنا سنتحدث عن وطن يغار على مواطنيه .... فدعونا نواجه أنفسنا أن تلك الغيرة لو كانت موجودة طوال الوقت ... حريصة طوال الوقت ..... وفي كل منزل يتطلب ثورة لأجل كرامة مواطن _ بل دم مواطن سال مرارا فوق قضبان وتجمد مرارا تحت أبحر وتصلب مرارا فوق المشانق واستـُذِل مرارا لأجل لقمة عيش _ في الداخل والخارج ، لما استهان أي إنسان أو جماعة أو دولة من أقصى الأرض لأدناها بنفس المواطن الذي صار معلوما عنه للعالم أجمع ... خضوع مواقفه وفقر حياته ومرض وجدانه وقهر طموحه وأحلامه ... بل وتخلي جذوره عنه إلى فروع من الحزن والهم والاستسلام....حتى صارت كل أفراحه تتعلق بأقدام تدفع الكرة ....لا يرى نصرا في غيرها .... ولا يرى تغييرا أبعد في طموحه من انتصار وقتي لم تخلق قيمته إلا طول الهزائم ..... وكأنه يستجدي هذه الفرحة من واقع شارك حتما في صنعه ثم صار مقدورا عليه بلا شفقة ولا رأفة !
" يا رب مصر تتغلب عشان لو غلبت هيقتلونا هنا ومحدش هيحس بينا "
لم توجعني عبارة كهذه العبارة التي جاءت على لسان مصري يعيش بالجزائر مستغيثا بالله نجاة بالهزيمة قبل المباراة بأيام !!
أي قهر !!
أي قهر سلط على المصري الذي شاء أو أبى الكون كله ....._ كان وسيعود _ ابن أرض العفة والكرامة والريادة والتي لن تنطلق يوما إلى كل العرب والمسلمين إلا من هنا ....
هذا المواطن _ المصري بكل تأكيد_ كان وسيعود يوما _ كريما على الله وعلى كل عباد الله .... أما الآن .. فأنا منه ومثله أتألم لهذا الهوان ... والذي لا يجعلني أفكر في حل أو ردة فعل بقدر ما أتأمل في سبب .... سبب يحمل على هذا الكم من الحقد والكراهية والذي ما كان ليصب فوق أي عربي أو أفريقي آخر اختارت له نتائج المباريات هذا اللقاء !
إنها الجرأة السافرة على المصري
تلك هي المصيبة إن شئتم لأنفسكم الألم
تلك هي الوجيعة التي تقودنا اليوم إلى استمرار الخديعة خلف ردود أفعال _ لا أرفضها _ وان كنت أقرأها بما تحتويه من تغييب للمأساة التي تحدث طوال الوقت .
تلك هي الحقيقة صدقوها إن شئتم ... أو راهنوا معي أنفسكم على مبارز آخر في آخر صولات الجزائر للصعود للنهائيات .... حتى تصدقوا في النهاية .... وتخسروا معي كل الرهانات على قيمة المواطن المصري التي لن تعيدها ردود أفعال اليوم إذا لم تتغير أفعال الأمس الطويل فيه !!
أما العقائد
فحدث ولا حرج عن مخاز العروبة التي أثبتت في كل امتحان حقيقي أنها شيعت بعد أن غنى لها عبد الحليم إلى قبر تحرس رفاته الشعارات
هم ذاتهم نفس العرب الذين عجزوا عن استخدام سفرائهم إلا في مواجهة بعضهم البعض .... وكأنهم يوم التقى جمع اليهود بجمع المقاومة استقالوا من أعمالهم وتوحدوا فقط خلف الصمت والشجب والتنديد و الخذلان
أي عروبة .....؟
ذكريني يا نفسي العربية بمفردة واحدة من مفرداتها تترجم فعلا ... وذكريني يا نفسي وألجمي قلمي الذي يستبيح للورق تجريح نفسي بنفسي ... واحرميني أنفاسا تتردد فيها رائحة محترقة لحقد دفين وبربرية لن تهذبها قيم العروبة المشتتة ..... في ظل الهزائم السياسية والاقتصادية و النفسية والأخلاقية والدينية .....
ثم نبحث عن احترام العالم لنا من خلال عروبتنا
أي عبث !
تتوقف الكلمات كثيرا بداخلي ... والخارج منها أقلها وجعاً
وفي كل مرة يستدرجني قلمي إلى السطر الذي سأضع في نهايته نقطة منهية حديثي ...

لا يأتيني السطر، ولا اجد النقطة ..... الا بقعة مائعة اللون في نفسي وانا أقرأ رسالة وصلتني من رقم مجهول قبل الفجر الأخير بقليل تقول : " كل سنة وانتوا مغلوبين مضروبين مخنوقين قرفانين .... المرسل منتخب الجزائر "



الخميس، أكتوبر ١٥، ٢٠٠٩

فضيلة الإمام الأكبر .... شكلك بقا ( أوحش ) أوي

أنا لا أحب النقاب
فعلا لا أحبه
وقلما اتفقت وفتاة منتقبة في شيء
بل اني مؤخرا كان لي أكثر من خلاف _ لم أصعده _ مع منتقبات في صلاة التراويح خلال شهر رمضان المنصرم
لا أحب شكل الزي نفسه وما يفرضه من قيود على الحركة وما يجبر صاحبته على بذله من جهد هائل
و لا احب ذلك الشعور بالأفضلية الغالب على إحساس جميع المنتقبات تقريبا، ولا أرى الأفضلية تقاس بين البشر بما يرتدون بل بما يفعلون مصداقا لما يؤمنون به
وتبقى قناعتي حيال الحريات اكبر واهم واعمق من شعوري ناحية النقاب
فهذه المشاعر والتعبير العلني عنها قولا وسلوكا جزء من حريتي ، وعكس ذلك جزء من حرية من يخالفني الرأي
فالنقاب ليس فريضة لتفرض ولا معصية لترفض ،مع ملاحظة أننا أساسا نعيش في مجتمع لا يطبق الفرائض ولا يجرم المعاصي
فبأي حق يصبح من حق أي أحد مهما بلغ من منصب أو علم ان يضيق على قناعات الآخرين وحرياتهم التي لا تضره؟
نعم... شاء أم أبى فهي لا تضره
ودعكم من خزعبلات الدواعي الامنية فنحن نعيش في بلد غير آمن اطلاقا ، ولو ارتدت كل نسائه النقاب سيظل غير آمن ولو خلعن عنهن كل غلالة ومضين فسيظل مجتمع غير آمن
وهل يأتي الامن الا من سلوك الأفراد حيال انفسهم ومجتمعهم واوطانهم ؟
وهل يتأتى الأمن بلا انتماء ؟
بلا أخلاق ؟
بلا حرية ؟
بلا طعام ؟
بلا صحة ؟
عفوا ......بلا آدمية !!!!
عن أي نقاب تتحدث يا فضيلة الامام وتهدر وقتك وعقولنا بهذا الفراغ الرهيب الذي جعل من الحجاب تارة ومن النقاب تارة أخرى ، قضية القضايا ومربط الفرس ومأساة الكون ؟؟
ليت النساء في وطننا بأهمية ما يرتدين .... لانصلح الحال عندها واعتدل غير القليل من المائل !!!
وبالرغم من رفضي لهذا التافه من القضايا فسأسألك مرة أخرى عن حقك
فهل تملك الحق لتفرض على امراة سافرة ان تدني عليها من جلبابها ؟ رغم انك تعلم كما يعلم الجميع أن الحجاب فريضة؟
انا لا أقبل أيضا أن تفعل
لكنك أساسا لن تفعل
لأنك كالعادة القبيحة تكل الدنيا والدين وما فيهما بمكيال مائل بيساركم
ثم تقدمه لنا بيمين الدين مشوها غير منطقي ولا معقول !
يا لصيدكم الثمين بعد جولتك على معاهدكم العريقة في فتاة لم تبلغ الخامسة عشرة اختارت ان تضع النقاب حين دخل رجل _ هو فضيلتكم _ فصلها !!!
وليتك تكتفي بمناقشتها أمام التلميذات بشيء من الحسنى .... بل تأتي عليها بجرح كرامتها حين تهين وجهها الذي خلقه الله بمنتهى اللا مسؤولية !!
هل هذه هي الأخلاق ؟ هل تتصور انها اقتنعت ؟ أي سلطة تمتلك لتفعل هذا بفتاة صغيرة أمام زميلاتها ومعلمتها التي أتهمتها هي الأخرى بالجهل بما تملك انت من علم تظنه النعمة عليك !
ويا للقدوة !!
كنت أول من ينظر الى وجهها بعد ان كشفت عنه مفحصا وممحصا لدرجة ملاحته ثم مقبحا له ولها !!!
ماذا لو كانت جميلة أكثر ..؟ أكان النقاب ساعتها سيصير فرضا عليها وغيرها ولا يمس أمن الوطن في شيء ؟
وهل معنى هذا أننا نرتدي الحجاب لأن على رؤوسنا الحرير، فإذا فشل معنا البلسم وتُوجنا ( بسلك المواعين ) خلعنا الحجاب ؟
هل هكذا صارت تقاس الأمور ؟
أعلم ان وضع المرأة ينحدر يوما بعد يوما في هذا لبلد ولكن الهذه الدرجة من السطحية وتهميش العقول صرنا نصور ديننا ونقدمه للعالم بما شوهته أيدينا ونمضي غير آسفين ؟؟
ومرة أخرى .... بلا أي حق
المنتقبة امرأة رأت من وجهة نظرها أنها تفعل الأفضل لنفسها وترتجي به أجرا من الله وفضلا ...فمالنا ومالها بينها وبين ربها ؟
ان الحق الوحيد الذي تمتلكه أي هيئة او مؤسسة أزهرية أو غير أزهرية هو أن يتم التحقق ممن تحت النقاب قبل دخولها وعند خروجها
ولا اظنك قد عدمت الموظفات من النساء لهذه الوظيفة أم ان الأزهر وغيره قد خلوا فجأة من البطالة !!
والمشكلة أنك تعلم .... المشكلة أنك عالم بالفعل وقد من الله عليك بالعلم والمقدرة والسلطة معا ..
المشكلة بل الطامة ... أنك فضيلة الإمام الأكبر !!!!
فكيف في كل مرة تنسى انك أكثر من سيحاسب في هذا الوطن !!!!
كيف تكون انت في كل مرة من تجرنا الى هذا الغثاء بآرائك غير المنطقية وغيرالمقبولة من المسلم وغير المسلم .... من المتدين والأقل دينا ..... من المخلص والخائن صدقني !
ان كنت فضيلة الامام تصدق أي مشاعر أخرى قد تصلك فاعلم ان نفسا تسكنك قد خدعتك طويلا !!
ولست أدري الى متى سيظل الإسلام .... هو الدين الوحيد المحارب من أهله بهذا التشويه السافر والتسطيح المتعمد لأعظم وأتم وأكمل وأعمق وأيسر دين وشريعة !!!؟
وحتى متى ..... ستظل فضيلة الامام الأكبر تشوه صورته وصورتك التي ما ظهرت الا به و تزيد في رصيدك العكسي لدينا فيما أنت مؤتمن عليه !!!
ولأجل ماذا ؟
وما بقي الا القليل!

الاثنين، سبتمبر ٠٧، ٢٠٠٩

10910 ملاكي الجيزة

الرابعة بعد الظهر
على كوبري السادس من اكتوبر ... بعد يوم طويل امضيته في التوكيل للصيانة الدورية لسيارتي الصغيرة وبعد قضاء حوائج ٍ أخرى ( بالمرة ) من قاهرة المعز.
الزحام على الذاهب فوق الكوبري يفوق الوصف والسيارت _ الفاخرة غالبا _ لا تكاد تتحرك ، في حين يبدو الاتجاه المعاكس في وضع تدفق مغري بالصبر!
فرصة جيدة أنتهزها لممارسة التأمل لكل من حولي ،وفي الأسفار أذكركم بمتعتي :)
سيارتي الجديدة تبدو مثلي _عادية جدا _وسط كم من السيارات الفارهة شكلا وموضوعا مما يضع خطا اضافيا في لوحة التناقضات المصرية العجيبة .
أبتسم وانا اتخيل حياةً خلف كل زجاج يعاني على جانبين يتضادين بحدة درجة حرارة الشمس ونعومة برودة التكييفات
يا للزجاج المسكين !

في منتصف الجمع المتحفز لبعض سنتيميترات للأمام .... سيارة خيالية ( طبعا معرفش ماركتها ) مكشوفة يقودها فتى شديد الوسامة وبجواره حسناء تستحق الحسد ، يتضاحكان بفرحة لا حد لها وكأنهما خرجا لتوهما من فيلم عربي قديم على مشهد النهاية للبطل والبطلة اللذان ستجمعها الجنة بلا هموم الى الأبد .

على جانبي السيارة تراقب العيون مثلي هذه اللوحة الهابطة من الفضاء بجماليات لا تخصنا ! يتوقف الشاب عن الضحك متحولا لفتى من بائعي علب المناديل معتذرا بهدوء عن قبول عرضه المتوسل لشراء علبة ( مناديل يا بيه ) ، رغم انه أقسم عليه بغلاوة ( السنيورة ) عدة مرات.
يتأفف الصبي تاركا اياه الى سيارة أخرى متوسلا لبضاعته متسولا خلفها .

أتامل الصبي
في السادسة عشر تقريبا ، رث الثياب لدرجة لا توصف ... يتصبب العرق من جبينه بغزارة فلا يحمل الا لونا اسودا لا تسطيع ان تميزه إلا بعد مغادرته لبشرته الكالحة ...
ابتلع ريقا بصعوبة فأين ما يعانيه الزجاج الى ما يعانيه هذا الكائن الانساني الذي لا يشبه أحدا فوق هذه الكوبري الذي لا يشبهه حالا احد ممن فوقه في هذه الساعة الجهنمية من صيف أغسطس الحارق.
...راقبته يطوف بالسيارات فلا يشتري منه أحد ... أشعر بغليانه على وجهه واتحدث لنفسي : ليس سوى بشر في النهاية !!

على بعد سيارتين مني يتوقف الصبي أمام سيارة تضم أربعة من الشباب فوق العشريني ... يدق بيديه على الزجاج فلا يجيبه احد ... يعاود الدق فيشيحون له بعصبية .... ينتقل من نافذة لنافذة متوسلا بحدة الناقم على هذا الرفض المتكرر، فلا يجد الا مزيدا من صد الشباب ورفضه لبضاعته ، لا ينتقل _ طبيعيا _ لبذل محاولة أخرى مع ركاب سيارة أخرى ... وكأن كيلا قد فاض به .... أو كأنه يرى وجهه في مرآة أخرى لشباب لن يكون مثلهم أبدا.

تتصاعد خبطاته وتتصاعد أصواتهم الرافضة..يهم لتركهم اخيرا بعد ان منحهم لفظا نابيا !!

سمعوه ... كما سمعته وسمعه الكثيرين ...
وفجأة ينزل الأربعة من السيارة مكيلين له ألفاظا مستنكرة لتجرئه " الحقير" عليهم ... يعلوا صوت الفتى بالمزيد من الألفاظ وهو يحاول الابتعاد عنهم حين يمسكه أحدهم ، ثم يطوقونه وهو يقاوم بشيء من الهيستيرية مكيلا لهم لكمات ضعيفة غير موجهة مصاحبة لقاموس من الشتائم المبتكرة !

وتتفوق الكثرة عليه ، اذ ينهال عليه الأربعة بضربات متواصلة في كل أجزاء جسده حتى يسيل الدم من وجهه مختلطا بصرخات صارت باكية مستنجدة بكل حاضري المشهد العنيف _ وانا منهم _ والذي لم يتحرك أحدهم !!

يواصلون ضربه ... ويحاول هو لملمة بضاعته وهو يهرب ... فاذا بأحدهم يخطف بحدة علبة من المناديل من يده ويطوحها بعيدا بأقصى قوته ... ويتفق الأربعة على نفس التصرف فجأة ، ونراقب جميعا علب المناديل وهي تتطاير تباعا الى حتفها تحت عجلات السيارات المتدفقة عكسيا بجوارنا .... !
والآن يتحرك الصبي ناحيتي بصعوبة وهو يبكي وينتحب ، يدير وجهه وصراخه بين الشباب المُصر على مواصلة انتقامه بالمزيد من التهديد والوعيد وبين بضاعته الضائعة ... وبين عيوننا !!!
وفجأة ومن خلف سيارتي يمينا بثلاث سيارات ... ينزل من سيارة كبيرة _ مزينة لعروس _ ولا تُقل غيره، رجل أربعيني شديد الأناقة يتحرك بسرعة ناحية الشباب المتهمر على الصبي لمواصلة المذبحة ، ويطلب منهم بهدوء حاسم ان يعودوا الى سيارتهم .... يتراجع صراخهم قليلا مع الحسم الممزوج بالأدب الجم من الرجل ، والذي ما ان يطمئن الى عودتهم _ أخيرا _ لسيارتهم ، حتى يتحرك بخطى أجزم انها حانية ...ناحية الصبي الذي يكاد يكون قريبا لمتر من سيارتي ... يقترب منه ... يمسكه بقوة من كتفه ... وينظر الى المناديل المتطايرة بعيدا ثم يقول له بقوة وهو يهزه من كتفه :" اسكت بقا ممكن "
وسكت الصبي أخيرا الا من دموعه ....ينظر الرجل حوله ويخرج بشيء من المداراة ورقة من فئة الخمسين جنيها ويضم يد الصبي عليها وهو يقول له بابتسامة :"خد ... اشتري غيرهم ....وروح روَّح "
ويعود مسرعا لسيارته بعد أن بدأ الركب يتحرك شيئا فشيئا ... تعلقت عيني به وهو يخترق الطريق مبتعدا فلم أستطع سوى قراءة رقم سيارته الفضية

ذهب
وبقيت أنا أستشعر جملة من المشاعر المتضاربة ....
الألم الشديد على عجز صبي ربته الشوارع وطـَعـِمَ من الفقر والجوع حتى امتلأ حقدا !
وفاقد الشيء لا يعطيه ، فماذا كان ينتظر هؤلاء الشباب من فاقد كل شيء أن يعطيهم سوى ما اعطته الحياة من قسوتها ونبذها ؟؟
ترى كيف سيكون هذا الصبي يوما والى أين ستقوده نقمته ؟
بل وأين سيكون هؤلاء الشباب بجمود قلوبهم وفردية ردة فعلهم العنيفة ؟
بل أين سنكون نحن بكل استسلامنا لكل هذه الوقائع اليومية المخيفة .؟...
وكيف نحن امام عيني الخالق القادر على انزال نقمته علينا جميعا بوزر متمثل في صبي كهذا ؟؟
أم تراه يمهلنا ،ويمهلنا فقط .... لأجل فعل رجل تحرك_ كانسان فقط _ حين تكتف الجميع في عجزهم الغير مبرر
ورأف بإنسانية مقهورة !!

الأحد، أبريل ٠٥، ٢٠٠٩

ومِـسـيـري يــوم

ومِسيري يوم أجري لعنيك وتجيني قبل ما أكملـَّك
ومسيري لما أنويك كلام
يرضى اللسان
واتكلمَك
ومِسيري أطويك صفحتين
بينهم زمان اللي انتهى
لما ابتداكْ من أوّلـَك
ومسيرَك انتَ تِحنـَّلي
ترفع عنيك على مشربية بلون عنيَّة تُبصلي
وتقولي :"يا اللاَّ.... هتنزِلي "
وان قلت "امتى؟ " هسيب عنيك
تستنى تحت و أبُصلـَك !
ومسيري يوم أحدف عليك
من ضيْ نـِنْ العين مَطر
وأتملَّى فيك لما تلاقيه
على أرض بتساع الخطر
تطرحني قلب كبير
يطير
مطرح ما ترسي يدُقـّلـَك !
ومِسيري أرتاح من سكاتي في كل قسوة شوق اليك
وانزل على رفة وجع
تعرفها لما بغير عليك
تحلف
أصدق
كل مرة
وكل مرة أكدبـَك
ومسيري أضعف فوق كتاف الحب واتنهد أوي
ده انا ياما جوايا ادَّاريت وداريت على الناس بالأوي
وسمعتهم ... وسكت ليك
ده ان كان جليد
هيرقلـَك
ومسيرك انت تكون شقاوتي
وضحكتي
وأجمل سؤال
يسأل لسانك أنكسف
وعنيك تملِّـيني الدلال
أغلط ...
تتوه ...
تزعل ...
أتوه
ومسيري يوم هتعلمَك !













الاثنين، مارس ٢٣، ٢٠٠٩

مـن خُـزعبــلاتي

0 من وحي سهرة.. في حجرة الاستقبال بعيادة طبيب في الأرياف



* المرض ...من اعظم البلايا .... والرضا_ كمعجزة نفسية _ من أعظم النعم ....والجهل هوالقاع دوما في كل الأحوال


* عندما يتقدم بنا العمر يصبح تمسكنا بالحياة هو المعنى الكلي لها لان ادراكنا لنهايتها الحتمية يكون بديهيا ً جدا


*احساسنا بمذاق الطعام هو أحد الأدلة الأكيدة على صحة نظرية النسبية



*الابتسامة على وجه الفلاح المصري .... جزء من ملامحه ، أما إذا أردت أن تراه على وجه الحقيقة .... فانظر إلى كفيه


*فريد الأطرش هو أحد أكثر الأصوات حزناً، لكنه أنشودة الفرح في لحظة تحددها أعماق منتشيه ،،،، الاغنية الحزينة .... مصطلح سطحي باهت

*الرغبة الجنسية ... هي قمة إحساس المرء بالحب ... اما الاحتياج البيولوجي فهو احتيال المثقفين على يأسهم من وجود هذا الأخير .


*قلت لصديقتي : لم يفكر بي إلا بعد أن تزوج بأخرى ... وقد كنت امامه قبل ذلك بكثير .... وطوال الوقت

فأجابتني : لعله لم يشأ ان تكوني أنتِ المرأة التي يخونها .

*ليتني فعلت .... عبارة ندمية صبيانية ، تتمسك بها احلامنا الغائبة .... بعد أن نفر من مواجهة مع تجربة إذا رفضناها ذات يوم .... أو حرمنا منها لسبب وجيه

و تلح علينا لنعود خطوتين0 بحثا عن شيء مفتقد ...مستسلمين لهذا الوسواسالذي يحول الوهم إلا أسطورة

ثم نكتشف اننا كنا على صواب منذ البداية

الأربعاء، فبراير ٢٥، ٢٠٠٩

حفل توقيع كتاب ( أنا انثى )





حفل توقيع العدد الثالث من سلسلة مدونات مصرية للجيبكتاب "أنا انثى " ..لمجموعة من المدونات النساء

أول كتاب يناقش اهتمامات المرأة بقلم مجموعة من النساء ويطرح القضايا للنقاش

ضيفة شرف الحفل ..(غادة عبد العال ) صاحبة مدونة ..عاوزة أتجوز..والتي صدر لها كتاب بنفس العنوان عن دار الشروق

ومن المشاركات في كتاب ..أنا أنثى


نوارة نجم

اسر ياسر

نرمين البحطيطى

شمس الدين

رشا عبد الرازق

بيلا شريف

مكسوفة

بسمة عبد الباسط

مريم الغنيمى

إيمان نادى

زهراء اميربسام

آية الفقى

مروة السيد

أميرة محمد محمد محمد

فاتيما

مذكرات عانس

سلمى أنور

انجى سمراء النيل

سارة ابراهيم على

سمر مجدى

مروة النجار

شيماء حسن

نسرين عبد النعيم

د.مرام محمود

ايناس لطفى

نجلاء الشربينى

محاسن





يصاحب الحفل عرض فيلم قصير

والمكان

المركز الثقافى الدولى17 ش السد العالى ميدان فينى الدقى

الشارع المقابل لشيراتون الجزيرة

اقرب محطة مترو انفاق محطة الاوبرا

الزمان يوم 3 مارس الساعه 4.30 عصرا-9




الأربعاء، فبراير ١٨، ٢٠٠٩

شَـهوة العـقل

أفتقدك جداً
فمعك وحدك
كان لك متعة ذروة
وكان لكل ذروة ملاسة السماء
وغيمة السخاء
ولحظة لا تنتهي
بين التمني والرجاء
فرحة !
فرحة ان يكون لك دوما شيء تتمناه
حين يفاجئك شخص تهواه عمقاً
بشيء أجمل
فتظل على حالة التمني
مُصراً كطفل صغير
مُنعـَّم في ذات الوقت
بفرحة الحصول ...!


أفتقدك جداً
ورفة العينين
ورعشة اليدين
وصرخة السكون
تُصنع على تلك المسافة القريبة جدا بيننا
عقل وعقل
وفكرة بفكرة
ولحظة اللقاء
ونُستمال فجأة ....بفكرة
فيجمل الحياء بفكرة
ويقال الغزل - رقيقا _ بفكرة
ويتفق القلبان فقط .....كنتيجة طبيعية لتعانق فكرة !
يصبحان واحداً
كضيف خفيف
على كريمين يسمحان له بالمكوث
شاهدا طيبا
على شهوة العقل حين تكُمل

تسألني :

وهل للعقل شهوة ؟

هناك التقينا

ولأجل ذلك

أفتقدك الآن جداً !

السبت، فبراير ٠٧، ٢٠٠٩

رائحة الكتب في جريدة العربي وجريدة الشروق

جريدة العربي




جريدة الشروق





"مهوّ يا رشا فيها حاجه غلط يا احنا اللي غلط !"


هكذا علق زوج شقيقتي العزيز في غيابي وعن غيابي لايام ثلاث في قاهرة المعز امضيت جل الوقت فيها أقتنص المتعة الكبرى في معرض القاهرة الدولي للكتاب


وعند عودتي قالت لي صديقتي وفي عينيها نظرة خبيثة :

" عنيكي بتلمع يا بت ..... هو انتي قابلتي مين هناك ؟ "

هم لا يعلمون
فالقصة ليست ثقافة نادرة
فما اكثر المثقفين .... بل وأين انا في زحامهم ؟

وليست تميزا في حد ذاتها
فالتميز منظومة أشمل من مجموعة كتب أقتنيها بتلذذ وأقرأها بنهم !

وليست تأثير الحصول على اجازة لأول مرة منذ فترة طويلة
فهاتفي العزيز لم يتوقف عن الرنين من أهل العمل وصحبته طوال الأيام الثلاث بشكل مستفز !

القصة أنني أحب ان أفعل هذا
أحب ان أذهب في الصباح الباكر _ منفردة _ الى معرض الكتاب
فاحتسي القهوة اولا
ثم أبدا جولة أحفظ ترتيبها بدقة التكرار لست سنوات متتالية ولا أتوقف إلا لاحتساء المزيد من القهوة أو لشيء من الطعام وتأمل الزحام المصري أثناء ذلك
وقد يلحظ المحيطين وجها مبتسما ومترنما احينا بلا داع !


وتزداد المتعة اذا ما انتصف النهار بلقاء صديق او مجموعة من الأصدقاء بعد طول غياب لا تنجح زياراتي المتكررة _ بحكم العمل _ للقاهرة في كسر حدته بلقائهم أخيرا


وينتهي اليوم
اما لانتهاء قدماي تقريبا او لنفاذ نقودي التي معي
نعم احب كل هذا بكل تفاصيله
فكيف لا تلمع العينان حين نفعل شيئا نحبه !!؟


كانت اول مرة ذهبت فيها الى معرض للكتاب
منذ سنوات طويلة
ممممم 26 سنه !؟؟؟


نعم
كنت في السادسة من عمري
معرض إكسبو الشارقة _ الامارات _


أذكر جيدا كيف كان أبي رحمه الله يمسك بيدي بقوة وانا ألهث وراء خطواته الواسعة و( أشب ) بقدمي الصغيرة كلما توقف لأرى ماذا يفعل وإلى أي شيء ينظر!
أذكر جيدا نظّارته فوق عينين واسعتين شديدتي التركيز
أذكر جيدا وحي القلم وسلسلة المعرفة وفقه السنة ومجموعات احسان عبد القدوس وعبد الحميد جودة السحار والكثير الكثير من الكتب التي كانت تملأ منزلنا !
وفي كل عام
كانت لي معه نفس الرحلة


وفي التاسعة من عمري أضيفت الى مكتبتنا المنزلية قصص تختخ التي كانت تخصني بالطبع
وبعدها بعام حصلت داخل معرض الكتاب على اول هدية من أبي
قصص السندباد في ستة اجزاء
أذكر فرحتي وقتها
شعرت أنني لم اعد طفلة
أصبحت املك أكثر من تختخ !!!


أذكر كل هذا وما تلاه من نهم في قراءة كل شيء وأي شيء قبل ان تتشكل ميولي الخاصة تدريجيا
لم اتعلم فقط حب امتلاك الكتب ومتعة قراءتها !
بل تعلقت برائحة الكتب !
نعم
تلك الرائحة التي تشعرني بنشوة غريبة ولذة مفرطة تصل بي الى قمة السعادة والتي يكمن جمالها في انها بدون سبب واضح


بمعنى أنك سعيد ومستمتع ( وخلاص !)

وبصرف النظر عن متاعب الجيوب الانفية المصاحب بالطبع

وبالاضافة الى متعة ان تختلس ارتكاب قصيدة في جروبي وسط البلد من خلف زجاج شتائي طالما انتظرته ولم يكن ينقصه سوى بعض المطر

وبالالتفات الى لقاء الأصدقاء المشتاقة لهم في طقس لا تعكره الشمس .

وباستثمار أن تتجول ماشيا في شوارع مصر الجديدة ، تلك العادة التي بدأت مصادفة ضللت فيها طريقي لتتحول إلى لازمة تزوالني ولا أتعلم منها ألا أضل طريقي في المرة القادمة أبدا وينقذني سائق أو عابر بقوله أن " الفندق في الشارع اللي وراكي .....!"

وبالنظر إلى روعة التعرف على بعض البسطاء من عمال الفندق ممن يحتاج الحديث عنهم _وعن ذروة الحكمة الفطرية الصادقة الخارجة بلا ترتيب منهم _ إلى تدوينة أخرى لعلها قريبة .

وباستنشاق الجمال في وجهة طفلة غريبة راقبتها والتاكسي يعبر بي لاول مرة منطقة الوايلي _ كما علمت من السائق في طريقي عائدة إلى محطة مصر _تستدفيء بنار ما تشويه وكراسة متواضعة تحل فيها شيئا مدرسيا بجانبها !

وبتتويج كل ذلك بجلسة نادرة مع صديق موسمي الحضور لمواسم تتخفى على لمحة من وجهي وشيء من ضعفي وجنون عقلي .... ينهمر فجأة لارتوائي !

نعم
بتوفيق الله
كانت أجازة طيبة !