الثلاثاء، أغسطس ٢٣، ٢٠٠٥

حصل لبس

حصل لبس
لموآخذه احنا في مصر


اقتربنا أنا والمدير الذي أمضى جل عمره في الخارج بين دراسة وعمل ، وعاد منذ أشهر قليلة ليحتل منصبا مرموقا في الشركة التي اعمل بها ويحملني على احترامه لما يتمتع به من ثقافة واسعة وتحضر شديد جمع بينهما لأصول كريمة تخصه وخبرة طويلة في مجاله كما سمعت ، ودلفنا إلى ذلك المبنى الفاخر جدا في مدينتي بعد أن أخذنا موعدا بصعوبة شديدة مع رئيس تلك الهيئة الطبية الهامة الذي كنا نأمل في ضم إحدى منتجاتنا عالية الجودة اقتصادية الثمن إليها ، والذي يختص بفئة معينه من المرضى بواحدة من أخطر أمراض العصر في مصر وأكثرها انتشارا ...
سألني المدير ونحن نعبر البوابة الرئيسية : مش المبنى ده كانت فيه العيادات زمان؟ أصلي أنا جيت هنا قبل سفري بكام سنه
فأجبته : أيوه فعلا ، بس دلوقتي بقا المبنى الإداري للهيئة ، بعد ما علوه دورين ونقلوا العيادات إلى مستشفى (.....) اللي في وسط البلد
فنظر إلي بدهشة وقال : مبنى إداري من ثمانية أدوار ليه يعني ؟
فضحكت وكدت إن أحدثه عن المستشفى القديمة المزرية التي تم نقل العيادات الخاصة بالمرضى إليها، لولا أن اصطدمت عيناي بالبهو الخرافي الذي صرنا في منتصفه مستمتعين لا اراديا بالتكييف المركزي المنعش ونحن نفتش عن المدخل المؤدي إلى مكتب رئيس الهيئة وقد أخذنا بالمستوى المبهر لداخل هذا المبنى وكأنه إحدى فنادق الدرجة الأولى والذي أدركنا بعض دقائق أن مكتب رئيس الهيئة والسكرتارية الخاصة به يحتل الطابق الأول كاملا !!!
وفي مكتب السكرتير ابتسم مديري متأملا المكان وقال : ما شاء الله كأننا مش في مصر الحقيقة شيء مبشر ويفرح
وقبل أن أعلق على قوله _ موضحة _ ,,,,, أذن لنا السكرتير بالدخول : اتفضلوا جنابه مستنيكم .
دخلنا إلى حجرة جنابه لينتقل انبهاري معي إلى الأثاث الفخم والديكور الملكي لحجرته الواسعة جدا ، والتي تضم بالإضافة الى المكتب الثمين ...طاولة اجتماعات كبيرة وأكثر من طاقم استقبال لتجمع في النهاية بين الذوق العالي والفخامة الشديدة ،وتتناقض تماما مع منظر جناب الدكتور رئيس الهيئة بوجهه السمين وجسده الثقيل وملامحه الغليظة ونظرته المتعالية التي تشعرك فورا انك شخص غير مرغوب فيه ، وان جنابه قرفان جدا ومش فاضيلك فمن الآخر كده تنجز عشان هو مش ناقصك !!!
جلسنا بعد ترحيب فاتر منه ،ورسم مديري ابتسامة دبلوماسية ودوده على وجهه وهي يقدم نفسه ويقدمني إلى جنابه ، وكاد أن يبدأ حديثه لولا أن دق جرس الهاتف ليرد جنابه ويدخل في حوار حاد مع أحد الموظفين _ كما استنتجت _ الذي يشتكي طبيبا جديدا لأمر ما اعترض عليه _ كما فهمت _ فأنهى مدير الهيئة الحوار الغاضب بقوله : بقولك إيه ميصدعناش ، عاجبه يشتغل على كده عاجبه ....مش عاجبه بالسلامه . هو هيعملنا دوشه كل شويه ليه ؟ اذا كان فاكر اننا عملناله العقد أخصائي عشان عبقريته يفوق ،احنا جاملنا بيه ناس تانيه والحدوته خلصت الدكاترة زى الهم ع القلب .!!!!
وابتلعت ريقي بصعوبة وهو يضع السماعه بحده وأنا أفكر في مصيرنا بعد أن تعكر دم جنابه بهذا الشكل قبل أن نتحدث في شيء
وبمزيد من القرف نظر جنابه الي ثم إلى مديري و قال : ها قلتلي بقا حضرتك مين وعايز إيه ؟
حافظ مديري بحنكة على هدوئه وبدأ يتحدث بلباقة وثقه عن المنتج و البحوث العلمية التي تخصه ثم عن الإداريات التي مضينا فيها لإدخاله إلى الفروع المركزية للهيئة ونجاحنا في ذلك وعن رغبتنا في .......
ورن جرس الهاتف من جديد فرد جنابه واستمع قليلا ثم قال لمحدثه بحده :
مش عمل العمليه امبارح يا دكتور قاعد ليه لحد دلوقتي مش اللايحه بتقول يوم واحد ؟
المتحدث : .......................................................
جنابه : مليش دعوه ، اللي انت بتقوله ده معناه إن عينه باظت أساسا ، يبقا في الحالتين يمشي ، أنا معنديش فصال في القانون.
المتحدث : ....................................................
(أصبت بغثيان وأنا أتخيل مشهد عين بايظه لرجل فقير اضطر لاستجداء هذا الكائن ) في حين أنهى جنابه الحديث قائلا :طب اتاكد من معلوماتك الأول وبلغني ونشوف يمكن نقدر نديله يوم واللا حاجه .
لاحظ جنابه امتعاضي فنظر الي شزرا ثم التفت إلى مديري وقال : شوف يا دكتور كلامك على عيني وراسي، بس المرضى دول بيتعالجوا عندي وفق بروتوكول معين والدوا ده مش داخل الكراسة يبقا أنا مقدرش أعملك حاجه ، وقبل كده رئيس قسم الــ(....) في الجامعة كتبلنا مذكرة عشان ندخل (......) وكان بردو أرخص وتعب الحقيقة الراجل معانا وجاب موافقات كتير بس أنا طبعا رفضت _ وانجعص مفتخرا على كرسيه وأكمل _ : أنا راجل بحترم اللوايح يا دكتور!!!
فرد مديري بهدوء : يا أفندم البند موجود في الكراسه ،وده معناه اننا ممكن ندخل بدوا سعره أرخص هيوفر على الهيئة ويدي فرصه لعلاج عدد اكبر ويقلل الجرعات اللي بياخدها المريض لان زى ما حضرتك عارف نسبة نجاح العلاج ده بتزداد مع وجود الـــ
قاطعه جنابه :يا سيدي أنا عارف كل حاجه بس أنا مالي بكل ده ؟أنا عندي لايحه والغالي موجود فيها يبقا مجبوش ليه ؟ لو بمليون جنيه وفي الكراسه يبقا هو اللي هجيبه ولو هتديهولي ببلاش ومش في الكراسه يبقا مينفعش ده قانون حضرتك
مديري :يا أفندم .............
فتح الباب بعد طرقات خفيفة ودخل السكرتير ليخبر جنابه بوجود الحاج فلان بره
فرد جنابه سريعا: خليه يدخل طبعا
ودخل الحاج الذي لا تختلف هيئته اطلاقا عن ملامح أعضاء مجلس الشعب بتوع لجنة الموافقة القادمين من رمز الكنكه والجمل ،وهات يا سلامات وسؤال عن العيال ونتيجة الثانوية العامه بتاع الواد والمصيف والذي منه ، وبالطبع كانت تلك المودة منطقية اذا أخذنا في الحسبان تلك الورقة العريضة التي يمسكها الحاج في يده بحرص شديد والتي لاشك في أنها عقد جديد لشراء فدانين كوسه من أرض جنابه الذي رن جرس مكتبه مناديا الساعي سريعا ويقول له جنابه : شوف الحاج يشرب إيه ؟
طبعا الرعاع اللي هم احنا إن شا الله عنهم ما طفحوا
حاول مديري وصل ما انقطع من حديثه واخذ في محاولة افهام _ وليس إقناع طبعا لأن دي مرحلة بعيده جدا عن احلامنا _ جنابه بهدفنا من الزيارة ومدى جدوى ذلك للهيئة ولنا بالطبع ، وطبعا مكنش ممكن نقول للمرضى عشان جنابه فاهم كل حاجه واحنا عالم بهايم مبنفهمش حاجه ومحدش مستغني عن عينه تتفقع واللا حاجه ، وقبل أن يكرر علينا جنابه نشيد الكراسه واللايحه
ترررررررررررن تررررررررررن مره أخرى
واستمع جنابه قليلا ثم تهللت أساريره هذه المرة واخذ يتحدث بموده مع معاليه سيادة المستشار مش عارفه مين ، ودار بينهما حديث طويل جدا _ ونندعق احنا والحاج كمان دي مقامات_ أنهاه جنابه بوصله سياسية عن الأوضاع الراهنة ثم اختتمها بقول مخلص طالع من حشاشي القلب وهو ينظر الي بنظرة جانبية :
دي عالم حمير يا باشا ؟ مش عارفين مصلحتهم ، ده لو استحل دمنا يبقا من حقه أي والله ..... محدش يقدر يقول ان مفيش إنجازات اتحققت ، ده احنا في نعمه ومش حامدينه .... ايه عايزينه يمشي عشان يجيبولنا شوية غوغاء _ عجبتني غوغاء دي الصراحة _ ربك يستر يا باشا وهينصر الحق بإذن الله وألف مبروك للهانم الصغيرة احنا عنينا لمعاليك ...!!
وقف مديري فور انتهاء المكالمة ووجه ابتسامة مغتصبه لجنابه ووعده بزيارة أخرى ثم خرجنا سريعا من مكتبه لأنظر إلى وجه مديري المتوتر وأتمتم بصوت محتقن : على فكرة قبل ما ندخل كنت عايزه أقول حضرتك انـ.......
قاطعني المدير قائلا : أيوه أيوه .... اننا في مصر معلش حصل عندي لبس !!!


هناك ٥ تعليقات:

Ahmed Shokeir يقول...

هاها.. وأنا كمان اتخيلت شكل الراجل اللى راحت عينه ماهى بايظه بايظه ..وبعدين ايه حكايه الكراسه دى ومين ابن .. ولا بلاش مين كاتبها اكيد واحد من إياهم
اه .. نسيت أسألك هوه الدوا ده بتاع ايه بالظبط ؟

رشا عبد الرازق يقول...

واحد من اياهم اسم الله عليك
والمكتوب بقا محدش بيغير فيه والبند فيه مبلغ كذا وكذا وخد عندك نفع واستنفع

بعيد عنك دوا كبد

دوا موضة العصر يا افندم ربنا يرحم الشعب ده ويلطف بيه

Mr-Biboooo يقول...

بصراحة رغم ان الكلام اتكتب باسلوب متميز و ساخر و انا ضحكت فعلا
لكن شر البلية ما يضحك
ده غيلر انك قلبتى عليا المواجع و فكرتينى بخواجة اسمه فاسيلى كان بيعتبر نفسه عاشق مصر الاول دلوقتى بيسب و يلعن ابوها

رشا عبد الرازق يقول...

معاك حق
هو شر البليه فعلا .. وانا نفسي كنت بضحك من غلبي بس وسط الضحكه بخاف وأقول يا ترى اللي جاي ايه ؟ وبعد ما لعنا أبوها واحنا ذنبها الوحيد ... هنلعن مين تاني او مين هيلعنا ؟؟ اهلا بيك وبمرورك في مدونتي المتواضعه

رشا عبد الرازق يقول...

مين اللي هيجي يعدل المقلوب ؟ ايه ده هو فيه ريس جديد جي ؟ جديد جديد يعني واللا كده وكده ؟ وربنا ما سمعت ؟ انا اللي أعرفه ان اللي جاي هو اللي رايح وان المقلوب مش لازم يعدله شخص عشان طول ما احنا مستنين اللي يعدله نقوم تحنا نتعدل مفيش جديد هيجي يا باشا